تداعيات أزمة "فساد" الـCAF.. تصفية حسابات أم بداية نهاية جهاز أحمد أحمد؟
تواصلت تداعيات نتائج الافتحاص الذي قامت به "PwC"، الشركة الدولية المختصة في التدقيق وافتحاص الحسابات، والتي كشفت عن وجود ممارسات مشبوهة وتصرف غير قانوني في أموال تم ضخها في مالية الكونفدرالية الإفريقية من خزينة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
بين مطرقة الـCAF، التي بادرت إلى إصدار بلاغ رسمي للرد على الإدعاءات التي مسته، خلال الساعات القليلة الماضية، وسندان التشكيك في مصدر المعلومة، إذ توجهت أسهم النقد إلى أحد أعضاء المكتب التنفيذي السابق للكونفدرالية، تبقى التساؤلات مطروحة حول مآل هذه "الزوبعة" التي طفت على سطح كرة القدم الافريقية وإن كانت ستطيح برؤوس داخلها.
الـ CAF تهدد باللجوء إلى القضاء ..
ردت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، في بلاغ رسمي، على التقارير التي أفادت بوجود اختلاس من خزائن "الكاف"، والتي اتهمت فيها العديد من الأسماء المسؤولة داخل الجهاز الكروي القاري.
وأوضحت CAF أن الإصلاحات الهيكلية التي باشرتها، سوف تستمر على الرغم من محاولات"التضليل" عن طريق الصحافة، على حد تعبيرها، حيث احتفظت اللجنة التنفيذية للكونفدرالية، بحقها في اتخاذ إجراءات قانونية ضد جميع مؤلفي الادعاءات الخاطئة التي لا أساس لها والتي جرى تداولها في الصحافة وعلى الشبكات الاجتماعية لبضعة أيام، يضيف البلاغ.
وتابع بلاغ الـCAF: "وافقت اللجنة التنفيذية على إطلاق التدقيق العام في 11 أبريل 2019، وهي أيضا اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم الذي طلب من الاتحاد الدولي لكرة القدم إقامة شراكة لمدة 6 أشهر من أجل الاصلاحات".
وأضاف "جرى اتخاذ العديد من التدابير الهيكلية قبل وأثناء شراكة لمدة 6 شهور مع الفيفا، وتتعلق هذه التدابير بكل من الحوكمة والإدارة اليومية لشؤون الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وبالتالي سوف نستمر في هذا الطريق للإصلاح، وبالتالي رفع الاتحاد الأفريقي إلى أفضل المعايير الدولية".
وخلص البلاغ إلى إعلان اللجنة التنفيذية للكونفدرالية، تاريخ 14 فبراير الجاري، موعدا لإقرار خارطة الطريق (2020-2021)، والتي سوف تأخذ الاعتبار التوصيات المختلفة.
تقرير الـPWC "الأصل"...
حصلت وكالة "أسوشيتيد برس" على نسخة من الافتحاص الذي أجرته شركة الخدمات المالية "PwC"، السنة الماضية، عندما كان "فيفا" يدير الهيئة، عن طريق تفويض للأمينة العامة فاطمة سامورا.
يغطي التقرير، الذي يتضمن 50 صفحة ، الفترة من 2015 إلى 2019، أي جزء من ولاية الكاميروني عيسى حياتو وخليفته الملغاشي أحمد أحمد، حيث تم تسليط الضوء بالفعل على نقص بعض الوثائق المتعلقة بالمعاملات المالية قبل عام 2015، كمجال يحتاج إلى مزيد من التحقيق، وفقا لتوصيات منفصلة من فريق العمل المشترك، حسب وثيقة أخرى حصلت عليها "AP".
المجموعة التي تضم شخصيات سياسية وقانونية من جميع أنحاء إفريقيا، حثت على إجراء افتحاص على منح"الفيفا" و"الكاف" للجمعيات الأعضاء الـ 54 في القارة، حيث قام الاتحاد الدرلي بتحويل 51 مليون دولار إلى حساب مصرفي في مصر من عام 2015 إلى عام 2019، وفقًا لمراجعة الحسابات، وبحلول 18 دجنبر2018، تم صرف 24 مليون دولار في جميع أنحاء القارة وتمت مراجعة والتحقق من 10 ملايين دولار من هذا المبلغ.
عثرت PwC على 4.6 مليون دولار من 14 منحة "ليس لها مستندات داعمة أو غير كافية لتحديد المستفيد والغرض منه والاستفادة منه"، حيث قال المدققون إنهم لم يتمكنوا من العثور على الغرض من الدفع أو المستفيد النهائي أو دليل على استلام المبالغ في بعض الحالات، كما تساءل التقرير عن مصير 3.6 ملايين دولار أخرى تمثل 21 معانلة، حيث أن خمسة تحويلات من الذين تم فحصهم (بقيمة 1.6 مليون دولار) تتوفر على"مستندات كافية" وقيل إنها استخدمت للغرض المقصود.
وقال مراجعو حسابات شركة PwC في التقرير "بناءً على الإجراءات التي تم تنفيذها والمستندات التي تم مراجعتها، تم العثور على العديد من العناصر المحتملة لسوء الإدارة واحتمال إساءة استخدام السلطة في المجالات الرئيسية للتمويل وعمليات كاف".
وأضافوا "بالنظر إلى الطبيعة الخطيرة لبعض النتائج لا يمكننا استبعاد احتمال حدوث مخالفات محتملة..هناك مبلغ قدره 215 الف دولار تم إنفاقه خلال اجتماع الجمعية العامة في إثيوبيا في مارس عام 2017، لوحظ عدم وجود ضوابط مالية رئيسية وعدم الفصل بين الواجبات في العمليات المالية اليومية.. خلال المراجعة وجدت PwC انه غالبًا ما يكون لموظف واحد سلطة تنفيذ واجبات متعارضة مثل الموافقة على النفقات واستلام السلع والخدمات والموافقة على المدفوعات"
ووجد التقرير أن "كاف"، دفع حوالي 100 ألف دولار، مقابل سفر 18 شخصا، بمن فيهم رئيسه أحمد لأداء العمرة بعد السفر إلى مكة والمدينة المنورة، حيث تم حجزها على أنها "مصروفات رسمية لتنظيم اجتماع في مصر وأن تكلفة السفر بين مصر والمملكة العربية السعودية قد اتخذها رئيس كاف شخصيًا"، إلا أن الجهاز القاري لم يستطع تقديم أي مستندات لدعم تنظيم اجتماع رسمي في مصر خلال هذا الوقت، نقلا عن التقرير نفسه.
تحوير النقاش!
في الوقت الذي تناقلت صحف عالمية تقرير الـ PwC، التي تعتبر ضمن دائرة "Big Four" في مجال خبرة التدقيق المحاسباتي، خرج موقع "Fifa Colonialism" الإلكتروني، لاتهام مسؤولين داخل الـ CAF بالمشاركة في "شبهات الفساد" التي تم التطرق إليها بصفة عامة، حيث طفى على السطح اسم فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، النائب الثاني لرئيس الكونفدرالية، بالإضافة إلى المغربي معاد حجي، الكاتب العام الحالي داخل جهاز الملغاشي أحمد أحمد.
الاتهامات المباشرة السالفة الذكر، نسبت إلى مدير الموقع المذكور، الذي هو نفسه موسى بيليتي، رئيس الاتحاد الليبيري لكرة القادم السابق، الذي تم توقيفه في يوليوز 2019، لفترة عشر سنوات، من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، حيث أفادت مصادر ل"الصحيفة" أن الأخير بادر إلى نشر تقريره الذي يرتكز على تقرير مركز الدراسات البريطاني PwC، حيث قام بإرساله، شخصيا، عبر تطبيق "الواتساب" إلى وسائل الإعلام العالمية، من أجل تداوله، خلال هذه الظرفية بالتحديد.
وإن كانت اتهامات بيليتي، الموجهة لمسؤلين مغاربة، قابلة للطعن من قبل الجهات المعنية، فإن التقرير الذي أعده خبراء الاتحاد الدولي "فيفا"، تحت إشراف فاطمة سامورا، يمس البيت الداخلي ل"الكاف"، بمن فيهم لقجع ومعاد حجي، الثنائي الذي يعتبر من الدوائر المقربة من الملغاشي أحمد أحمد، كما أن أي اتباث لوجود معاملات مالية "مشبوهة" سيجر الحميع إلى مقصلة المساءلة.
هذا، ويحاول فريق أحمد أحمد، الأخير الذي رفض التواصل مع "الصحيفة"، في محاولة لمعرفة موقفه من تقرير الـ PwC، (يحاول) تحوير صلب النقاش إلى "تصفية الحسابات" بين تيارات داخل الكونفدرالية الإفريقية، كما جاء ذلك في بلاغ الـCAF، حين تحدث عن "التضليل الإعلامي" مع إغفال أصل الموضوع، الذي يرتكز على التقرير المنجز من قبل مركز الدراسات العالمي، والذي تم تسريبه، بعد عدة أشهر من صدوره (دجنبر 2019).
على غرار أحمد أحمد، ظل حبل التواصل منقطعا مع نائبيه؛ الأول الكونغولي كونستان عوماري، الذي حاولت الجريدة التواصل معه، لكنه فضل التزام الصمت، كما الثاني فوزي لقجع، الذي "فوض" التحدث بلسانه إلى مستشاريه داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فيما أغلق هاتفه، في انتظار نجاح "حملة" توجيه الرأي العام الرياضي الوطني، رغم جسامة الاتهامات الموجهة ووجود المسؤولين الكرويين المغاربة في "فوهة البركان"